رسالة الى أمرأة لم ..تولد بعد..

حين تغيب الشمس عن المدينة، و تترك الشارع وحيدًا فارغًا كيتيم في الشتاء. أفكر فيك، أحلم أن نركب القمر، و نَعُدّ النجوم... و نخطئ في العدّ مرارًا و مرارًا، فقط كي نبقى معًا لوقت أطول.
....
ِحين يعود الخريف إلى وحدته، و ينشر برده بين جنبات جسمي الضئيل، تأتيني فجأةً ذكراك كمدفئة تنشر دفئًا حزينًا بين جدران باردة. حين أُعِدُّ صباحا فنجان بنٍّ لِوحدتي، أحاول أن أنسى فيه أني، بدون عينيك، أصبحت كقدِّيس خُلِق لِديرٍ عتيق، و ليس له أن ينسى الكتاب و المسيح.
....
حين أحبك كعزف حزين يُبكي الليل، حين أحاول تقمص حبك كلُبس شيطان، أجدني مجرد بضع أوراق ما تكاد تمتلئ، و بقايا سجائر و أعواد ثقاب.
....
حين أحاول وصفك كحالة غريبة بين الذكر و النسيان، بين الصحو و الإِغماء، أكون قد وضعت آخر لمسةٍ على لوحةٍ إجتمعت فيها كلّ الفصول: بين عينيك بعضُ حزن الخريف. ظفائر شعرك فيها كليل شتاء طويل. شفتاك هائمتان كنسيم الرّبيع و خديك محمران كَيوْم صيفٍ جميل.
....
كأنك بحر يُخفي أسرار الوجود في قعره، رياح دون وطنٍ، دون عنوان. كأنك كتاب حضارة قديمة، لا أحد فهم لغته، لكن نقع في حبه منذ الفصل الأول... كأنك لحنُ حبٍّ اجتمع فيه الألم و الأمل، لكن لا أحد إستطاع عزفه...كثلجٍ و نار.. فيك إجتمعت كلُّ التناقضات.. كأنك الحياة نفسها.
....
أنا مزيج وحدة و حزن و ضياع، أنتظرك.. لنحتفل معًا بشمعة عيد ميلاد، لا إدري متى زمنه.. لتنفضي الغبار عني، فمنذ سنين لازلت أنتظر قدومك مع موسيقى المطر..
....
و جاء المطر محمّلًابالحزن، دون أن تأتي يا إمرأةً لم تولد بعد