فيا ايها اليل

أيها الليل:
يا صديقي الحبيب...
يا رفيقي الوحيد ... ومؤنسي الرشيد ...
أخلو بك وحدي ... وأمشي في غياهبك المظلمة .. أجد فيك ما لا أجده في ضوء النهار الساطع ...
ألمح فيك كبرياءً وعزَّة ... أسترق النظر إلى كتابك الكبير... وأتعلم منك الكثير، الكثير ...
أتعلـَّم من هدوئك وسكونك ... أتعلم من قمرك ونجومك... أتعلم من صفائك وغيومك ...
علمتـَنِي أنها تمر بك الأوقات الطويلة .. الطويلة وأنت مظلم دامس،
ولكن بصبرك وتأنيك، يأتي القمر صاغراً إليك، يأتيك ليقبـِّل وجنتيك، يستعطفك.... يسترضيك، من جميع جوانبك ونواحيك، وأنت المتواضع البريء تصفح بسرعة، ودون ملل ولا سأم...
علمتني كيف تصنع عزاً وفخاراً لصديقاتك النجمات العاليات ، ولولاك ولولا تواضعك وظلامك لما ظهرت تلك النجَمات...
علمتني كيف تحمل المتعبين إلى فــُرُش ِ الطمأنينة والراحة .. علمتني الكثير ... الكثير...
لكنني أيها الليل عاتبٌ عليك ، نعم عاتبٌ عليك ...
لماذا أنت حنون مع الجميع .. لطيف وأنيس للمساكين .. رحيم وشفوق على المتعبين.. على عكس ما أنت عليه معي الآن ؟! كنتُ أجد فيك ملاذاً ... كنتُ أجدُ فيك لواذاً ..
لكنك تغيرت معي الآن ... لماذا تذقني ألواناً وأشكالاً من العذاب والهلاك؟! ... تجمع لي الآهات لأنفثها في جوفك ... وتسرق مني الكلمات لتجعلها في ذاكرتك ... وأنا لا أخفيك أسراري ... بل أنت الوحيد الذي يعرف كل كلّ أسراري...
أخاف أحياناً أن تشي بي ... وتنشر أسراري ... وتبعثر أوراقي وأفكاري...
لكنني مع ذلك كله أحبك كثيراً ... أحب أن أتمشى معك ... وأغازل قمرك ... وأداعب نجومك ... ولا أنسى تلك الأيام التي قضيتها معك ...
فلا تتركني وحيداً .. .. لا .. .. لا ... لا تتركني ......

لـَمَّـا رأَيـتُ اللـَـَيـلَ سَــدَّ طَريـــقَهُ
عَـنـِّي وَعَـذَبَـنِي الظَــلامُ الراكِــدُ
وَالنَـــجمَ في كَـبـِدِ السَماءِ كَأَنَّـــهُ
أَعــمى تَـحَــيَّــرَ مــا لــَدَيهِ قائِـــدُ
نـادَيــتُ مَــن طَرَدَ الرُقادَ بِنَومِــهِ
عَــمَّـا أُعــالِـجُ وَهــوَ خِـلوٌ هاجِـدُ
يــا ذا الَّـذي صَـدَعَ الفُؤادَ بِصَـدِّهِ
أَنــتَ البَــلاءُ طَــريفـُهُ وَالـتـَّالــِدُ
أَلـقَـيـتَ بَـيـنَ جُفـونِ عَيني فُرقَةً
فَـإِلـى مَـتى أَنـا سـاهِرٌ يـا راقِـــدُ
وَإِلــى مَتى أَبكي وَتَـضحَكُ لاهياً
عَـنـِّّي وَأُدنـي في الهَوى وَتُباعِدُ
وَإِلى مَتى أَنا هاتِفٌ بِكَ في دُجّىً
أَبــكـي إِلَـيـكَ وَأَشـتَـكي وَأُنـاشِـدُ
أُردُد رُقــادي ثُــمَّ نَــم في غِبـطَةٍ
إِنّي اُمرُؤٌ سَـهَـري لِنَومِكَ حاسِدُ

عُدْتَ إليَّ من جديد...
......
أهلاً بك أيها الليل...
تأتي إليَّ وفي عينيَّ أحلامٌ وأمنيات... وبين شفتيَّ تتزاحم الكلمات والعبارات...
تأتي إليَّ وفي جُعبـَـتي أخبارٌ وحكايات...
أتـُراكَ تسمعني يا لـَيْـل...!!
أتـُراكَ تشعر بي... وقد تزاحمَ على أبوابـِكَ الطـُّرَّاق... !!
أتـُراكَ تتألمُ لألمي... وتحزنُ لحزني...!!
أيها الليل...
باتَ صديقـُكَ البائسُ وحيداً... بدأَتْ تجتاحُهُ عواصفُ الخوفِ والألم...
بدأَتْ تنتابُهُ براكينُ الحزن ِوالسأَم...
ماذا أفعلُ يا ليل؟؟
أرشدني يا صديقي العزيز..
.....
.....
.....
سأرحل!!
.....
سأرحلُ عن قلبي يا ليل...
نعم... لأنـِّي تعبتُ من مجاراتِه.. وأخرجني خاسراً من كلِّ غاراتِه...
سأترُكُ جسدي من دونِ قلب..
آآآآآآآآآآهِ يا لَيْل....
إنـِّي أحسدُك...
أتأخذ قلبي يا ليل ؟ وتعطيني سكونـَكَ وهدوءَك ... ؟
لـيـتـَكَ تفعل ..
لـيـتـَكَ تفعل ..

تسلمى الورده


بجد كلام رائع من اروع البشر



تقبلى مرورى

رييييييييييييييييييييييم

كلمات جميله واحساس رائع

تسلم ايدك يا قمر


تحياتي